مجرد كلام هو حديث دافيء، مليء بالأحاسيس والمشاعر ومباشر مع القاريء، عن الحياة في بغداد وبعض المدن العراقية إثناء فترة الستينيات إلى التسعينيات من القرن الماضي، وعن الحياة في المهجر بعد تلك الفترة وحتى يومنا هذا
في (مجرد كلام) يلتقي القاريء بأشخاص حقيقيين وبحكاياتهم وقصصهم، التي تعكس تناقضات الحياة المتمثلة بالخير والشر، القوة والضعف، الحب والكره، النجاح والفشل، السعادة والكدر والفوز والخسارة
يبدأ الكاتب بحكاية عن (لُبِّي)، الكلبة السائبة المدللة، عن خصوبة الإنجاب لديها، عن علاقتها بأصحاب المحلات في (شارع النهر) وسط بغداد، حيث كانوا يحبونها ويعتنون بها، حتى حلَّت بها كارثة غير متوقعة. كما يروي المؤلف حكايات وقصص أخرى كانت تحدث في (شارع النهر) في بغداد، ويسمى أيضاً (شارع البنات)، وفي حديثه تشعر وكأنك تسير معه في ذلك الشارع الجميل، الذي كان يعج بالحياة، حيث محلات الصاغة والبنوك، المطاعم والمقاهي، محلات الملابس والعطور. وبحزن وألم يتحدث عن أفول نجم الشارع، حتى لفظ آخر أنفاسه في السنوات الأخيرة
يتذكر المؤلف زيارته مع أهله من بغداد الى مدينة البرتقال (بعقوبة) عندما كان طفلاً صغيراً، وحدث ان حضروا حفلة عرس، وبينما كانوا يستمتعون بالأغاني والرقص والزغاريد، وإذا بأربع طلقات تُسدد إلى جبهتي العريسين بسبب قضايا الثأر. إنهمرت دموع الأطفال لساعات طويلة وصعب عليهم النوم. بعد عقد من السنين عاد المؤلف إلى تلك المدينة فوجد فيها ما يعيد ذلك المشهد الحزين أمام عينيه وكأنه شريط سينمائي
في حكاية (يَسْتودَي) يتعرف القاريء على فتاة غاية في الجمال، أسمها نهلة، تركتها أمها الألمانية عائدة إلى بلدها، فعاشت مع أبيها. ولأنها شقراء وحلوة، كانت تتعرض إلى تحرشات الشباب، فتسمع كلمات الغزل من قبلهم، ويدسّ بعضهم قصاصات ورق مع أرقام تلفوناتهم بجيوبها. كانت تبثّ معاناتها إلى صديق لها، عندما يخرجان سوية للتنزه في بعض مناطق بغداد الجميلة. وبعد نشوب الحرب بين العراق وإيران عام 1980 نجحت الأم في إقناع ابنتها بالسفر إلى ألمانيا. ودّعها صديقها إلى المطار، وهناك عرف السبب في دَسِّ الشباب أرقام تلفوناتهم في جيوبها
يصف المؤلف أجواء بغداد في تلك الحقبة من الزمن، حيث غزت الموسيقى الصاخبة، الأدوات الموسيقية الكهربائية، الميني جوب، ومن ثم الميكرو جوب. وبنفس الوقت يتطرق إلى سوء الأحوال لاحقاً بسبب الحروب والقمع والقهر. ففي إحدي قصصه يروي كيف يقوم البعض بالخداع لكي يستطيع العيش. كان صاحب إحدى ورش تصليح السيارات يختم الأدوات الإحتياطية بأنها صُنعت في اليابان، بينما هي مصنوعة في الصين أو تايوان
وفي حكاية أخرى يجري الحديث عن سالم، شاب مثقف، من عائلة متوسطة الحال، لطيف، طيب المعاشرة. بعد تخرجه من الجامعة اشتغل مهندساً وارتبط بزميلة له في العمل. كانت المعيشة صعبة في تلك الفترة، فلا تكفي الموظفين رواتبهم فيضطرون للعمل في مهن أخرى بعد الدوام. وهكذا اضطر سالم للعمل كسائق تاكسي بعد انتهائه من شغله. وفي يوم من الأيام خرج ولم يعد إلى البيت، مما أدّى بزوجته إلى البحث عنه في كل مكان
في إحدى الحكايات يقصّ المؤلف عن حمادة، الشاب الذي انتقل إلى بغداد بعد اشتداد القصف على البصرة أيام الحرب في ثمانينيات القرن الماضي. بعد مزاولة عدة مهن اشتغل حمادة في شراء السجاد وبيعه، حيث نجح في ذلك وصارت له امكانية مالية لا بأس بها، وهنا حدث شيء لم يكن يتوقعه أدى إلى تغيير وضعه في السوق، مما أثَّر على حياته لاحقاً
ويروي الكاتب في قصة أخرى سرقة أحد محلات الصاغة في بغداد، حيث قَتل أحد اللصوص الثلاثة أحد العاملين في المحل، وجرح شرطياً إثناء الحادثة. وبعد تجمع الناس هرب لصان وألقت الشرطة على اللص الثالث، الذي قام بعملية القتل. وبعد تعقيدات وتهديدات وتدخلات وتفاصيل أخرى، يرى القاريء كيف يتحول اللص المجرم إلى ضحية ويطالب بتعويضات
وفي رحلة سياحية ما بين اسبانيا والمغرب بحدثنا المؤلف عن مشاهد وأماكن لم تصلها عدسة الكاميرا يوماً، حيث انتقل مع أخيه من جزيرة وسط المحيط تلُفّها الغيوم إلى مدينة تحاصرها الرمال في قلب الصحراء، مروراً بميناء خطَّته أصداف السمك
يحكي لنا الكاتب عن حياته في هولندا، بعد ان وصلها كلاجي، ومن خلال ذلك، عن تأريخ وحياة الشعب الهولندي وكفاحه من أجل ازدهار بلده، فيطلع القاريء على أمور جميلة وممتعة عن بلد الزهور
ويحدثنا عن صاحب مزرعة في هولندا عندما رفض ان يبيع للكاتب أحد الكلكونات، التي كان أحفاده يلعبون معها، وأراه تلة في مزرعته دفن فيها كلكوناً مات من الكبر ولم يذبحه
ينقلك المؤلف إلى شاب كردي من سوريا، طلب اللجوء إلى هولندا، ولكن تم رفض طلبه لإفتقاده الى وثائق ثبوتية؛ الأمر الذي أثّر كثيراً في نفسية الشاب، وبات الوقت ثقيلاً وبطيئاً بالنسبة له، ولولا أوضاع الحرب في سوريا لأرجعوه الى بلده. حاول عماد حياوي، الذي كان وقتها يعمل متطوعاً في منظمة لمساعدة القادمين الجدد، حاول مساعدته، فزاره الى حيث يسكن، وبدأ يتحدث معه ويروي له أمثلة لتقوية معنوياته
عكس عماد حياوي في كتابه خبرته الحياتية والمهنية، فقد عمل مهندس اتصالات، وعندما ساءت الأحوال الإقتصادية في العراق فتح محل صياغة، وكان عسكرياً عند اندلاع الحرب بين العراق وايران. لذلك يجد القاريء مواضيع ممتعة عن تكنولوجيا النانو، الحروب، التجارة، السينما، الملاهي والبارات، الحدائق والمنتزهات، سيارات الفولفو ذات الهيكل الخشبي في بغداد خلال فترة الخمسينيات من القرن الماضي، رحلاته إلى اوربا وحكاياته عن ناسها، تأريخها وطبيعتها
وفي الكتاب قصص لمهاجرين عراقيين، وطرق سلكوها للوصول الى بلد اللجوء، فمنهم من طاف على لوح خشب فوق سطح الماء في عرض البحر، ومنهم من رأى نفسه وسط غابة لا نهاية لها، وآخرون صعدوا إلى سيارات نقل أو قطارات دون أن يعرفوا إلى أين تتجه. قسم منهم وصل إلى دول اللجوء بعد معاناة كبيرة، وقسم آخر اختفى أثره في البحر أو الغابة أو في السجن لدى بعض الدول
الكتاب: مجرد كلام
المؤلف: عماد حياوي المبارك
اللغة: العربية
الموضوع: حكايات وقصص
تأريخ الإصدار: 2019-09-30
نوع التجليد: غلاف ورقي سميك
الطبعة: 1
عدد الصفحات: 336
170 x 240 mm :القياس
الوزن: 580 غرام
ISBN: 978-91-984712-9-8 رقم الإيداع الدولي